استقبلنا في ظل ازمة كورونا العديد من التساؤلات القانونية من قبل عملائنا وزملائنا  حول عدة مواضيع ، احدى تلك التساؤلات كان حول مصير الدفعات الايجارية للمحلات والمكاتب والشركات التجارية والخدمية وغيرها والتي لم تنتفع بالمأجور اثناء مدة حظر التجول المفروض من قبل السلطات، هل يعفى المستأجر من هذه الدفعات ؟ هل هو ملزم بأداءها في الموعد ؟ هل هي قابلة للتأجيل ؟

والحقيقية بأن هذا التساؤل يزيد الحاحاً مع اقتراب  حلول استحقاق كل دفعة في الحالات التي تقوم بتسديد الدفعات بشكل شهري ،  اما من قامو بدفع القيمة الايجارية مسبقا  ولم يقوموا باستيفاء المنفعة من المأجور في هذه المدة  فتساءلوا حول امكانية عدم احتساب هذه المدة من مدة العقد وتمديده لمدة مماثلة بعد انتهاء الظروف الراهنة  ، والحقيقة انها كلها اسئلة مشروعة في ظل هذه الظروف وتجدر الاجابة عليها حفاظاً على استقرار التعامل  وعلى المراكز القانونية  بما لها من حقوق وما عليها من التزامات  .

 

عدم الانتفاع الكلي بالمأجور 

ان موقف القانون المدني الاردني  قد جاء واضحاً  باعتبار اي امر او اجراء صادر عن السطات المختصة  من شأنه منع الانتفاع الكلي بالمأجور مسقطاً للأجرة منذ وقت المنع ، وهو ما نصت عليه المادة (698)  من ذات القانون ،  الا ان النص لم يشترط نوعا معينا من الاوامر والاجراءات الصادرة عن السلطة حتي يتم إعمال هذه المادة  ، وبالتالي فإنه من الممكن اعتبار قانون الدفاع والاوامر الصادرة عنه كحظر التجوال الذي قيد الانتفاع  بالمحال والمكاتب التجارية والخدمية  امرا صادرا عن السلطات لغايات تطبيق حكم هذه المادة  ، خاصةً وان المستأجر ليس له اي يد في منع الانتفاع  المقصود .

وبالتالي نستطيع القول بأن المدة التي تم فيها فرض حظر التجول واغلاق العديد من المحلات والمكاتب التجارية  هي مدة غير مستوجبة للدفع  وتسقط مبالغ الايجار عنها ،  الا انه يتطلب من اجل اعمال هذا النص توافر شرطين اساسيين وهما  :

اما الشرط الاول؛  فهو ذكر الغاية  او المنفعة المرجوة من المأجور في عقد الايجار ، على سبيل المثال اذا كان المأجور محل تجاري فلا بد ان يكون ذلك محددا في العقد حتى يتم تحديد  مفهوم ” المنفعة” التي لم يتم استيفاءها بسبب اوامر السلطات ، اما الشرط الثاني فهو نتيجة أكثر من كونه شرطاً ، ويتمثل بفسخ عقد الايجار تلقائياً ، فالمستأجر الذي يتمسك  بسقوط الاجرة اثناء الحظر عليه ان يقبل بنتيجة ذلك وهو فسخ عقد الايجار بحيث لا يرتب اثاره القانونية بعد ذلك .

وهنا تساءل عملاءنا  حول مسألة رغبتهم  باشغال المأجور بعد الحظر ، فما الحل القانوني اذن ؟

والجواب بأن الاستمرار في اشغال المأجور يتطلب ابرام عقد ايجار جديد بين المؤجر والمستأجر والذي قد يكون بذات الشروط او بشروط جديدة  ، ولكن بكل الاحوال فإن هذا الامر يخضع لارادة الاطراف .

 

عدم الانتفاع الجزئي بالمأجور 

اما التساؤل الثاني الذي وردنا فهو متعلق بالقطاعات التي تعمل بشكل جزئي  والتي لم تتمكن من استيفاء المنفعة من المأجور بشكل كامل على الوجه المتفق عليه في العقد ، سواءً اكانت الجزئية بعدد الايام او بعدد الساعات  ، فما حكم القانون في هذه الحالة ؟

ايضا اجاب القانون المدني الاردني على هذه الحالة فنص على انه اذا كان المنع يخل بالانتفاع ببعض المأجور بصورة تؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة فهنا الخيار للمستأجر ايضا بطلب  فسخ العقد ويسقط عنه الاجر من وقت قيامه باعلام المؤجر بسبب المنع ، والاعلام هنا لا يشترط ان يتم من خلال انذار عدلي صادر عن كاتب العدل بل يكفي ان يكون اعلاماً  قابلا للاثبات امام المحكمة اذا ما تمت المنازعة في هذا الامر .

ان ظرفاً كانتشار وباء الكورونا في العالم قد رتب العديد من الاثار القانونية  واثار العديد من التساؤلات لدى المواطنين والتي يعتبر احداها ما تم الاجابة عنه في هذا المقال ، الا انه يجدر القول بأن لكل عقد من العقود حالته الخاصة التي تقرأ مع بنوده ومع ما تم الاتفاق عليه من قبل الاطراف ، ولذلك فمن الافضل ان يقوم المستأجر او المؤجر  بطلب الاستشارة القانونية قبل اتخاذ اي اجراء قانوني في هذا الصدد.

ولكم جميعا السلامة .