مما لا شك فيه أن التساؤلات تثور حول عدوى الأمراض والتبعات القانونية لهذه العدوى، وفيما إذا كانت هناك مسؤولية على حامل المرض وناقله وفقا للقانون الأردني. والإجابة في هذا الصدد تكون نعم؛ هناك مسؤولية قانونية على ناقل وحامل المرض في حال توافر شروط معينة

وهدف هذا المقال هو تسليط الضوء على أشكال المسؤولية وشروط تحققها عند الحديث عن عدوى الأمراض، وفايروس كورونا مثال على ذلك

كبداية يجب التفريق بين نوعين من المسؤولية؛ المسؤولية الجزائية تبعا لقانون العقوبات والقوانين المتفرعة عنه، والمسؤولية المدنية وفقا لأحكام القانون المدني

بخصوص المسؤولية الجزائية فإن قانون الصحة العامة رقم 47 لسنة 2008 قد تناول في المادة 17 تعريف المرض المعدي وهو “المرض الناتج عن الكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات وما شابهها او عن سمومها ويمكن للعامل المسبب للعدوى ان ينتقل الى الانسان من مستودع او مصدر العدوى بطريقة مباشرة او غير مباشر”. ونص في المادة 22 على أنه يعتبر جريمة قيام كل شخص أخفى عن قصد وكان مصابا أو عرّض شخص للعدوى بمرض وبائي أو تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير أو امتنع عن تنفيذ اي اجراء طلب لمنع تفشي العدوى. أما المادة 66 من نفس القانون فقد حددت العقوبة بأنها الحبس من شهرين الى سنة أو بالغرامة بحد أدنى 500 وبحد أعلى 1000 أو بكلاهما. واشترط النص وجود القصد، وهنا القصد هو العلم والإرادة؛ أي توجه الإرادة نحو نقل أو تعريض الآخرين للعدوى حيث لا خلاف حول تحقق الجريمة ووجوب العقاب في حالة قيام شخص عن علم وإرادة بنقل أو تعريض الآخرين للإصابة بأي مرض معدي، لكن التساؤل هنا هو في  القصد الاحتمالي والتي نص عليها قانون العقوبات في مادته 64 و تفيد بأن توقع حصول النتيجة والقبول بالمخاطرة يعد قصدا، وبالتالي فإن عدم الأخذ بالاحتياطات والتدابير اللازمة لمنع حدوث العدوى يعد قصدا في حال حدوثها، وهذه الحالة تتحقق في حال عدم امتثال الشخص لتعليمات الحجر الصحية المفروضة من السلطات على حاملين المرض المعدي

أما في ما يخص المسؤولية المدنية فمن حيث الأصل نص القانون المدني الأردني في مادته ٢٥٦ أن كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو  غير مميز بضمان الضرر، والضرر هنا إما يكون بالمباشرة أو بالتسبب ولكل أحكامه (المادة ٢٥٧ من ذات القانون)، وقد يتصور الحالتين في نقل العدوى؛ حيث يكون بالمباشرة مثال قيام شخص مصاب بنشر الرذاذ متعمدا في وجه شخص آخر وأدى ذلك لإصابته، فهنا سواء كان عالما بأن هذا الفعل من شأنه نقل العدوى أم لا يلزمه التعويض وضمان الضرر، وقد يكون بالتسبب كأن يقوم شخص مصاب بلمس شيء ثم يقوم شخص آخر بلمسه مما يؤدي لحدوث الإصابة فهنا لا يلزم التعويض إلا إذا كان هناك تعمد أو تعدي أو أن يكون الفعل مفضي الى ضرر، ومثال ذلك أيضا ان يكون الشخص عالما بحمله لفايروس كورونا ولكنه استمر بالذهاب الى عمله كالمعتاد وقام بلمس موجودات في مقر العمل الامر الذي أدى الى إصابة زملائه في العمل

يظهر لدينا تساؤل اخر عند طرح المثال الأخير؛ اذ هل تعتبر الإصابة في هذه الحالة إصابة عمل؟

من حيث الأصل لا تعد الإصابة بالعدوى إصابة عمل كون إصابة العمل كما عرفها قانون العمل الأردني هي إصابة العامل نتيجة حادث أثناء العمل أو بسببه، كما أنها لا تعد من امراض المهنة حسب جدول الأمراض الصناعية وجدول الأمراض المهنية المرفقة بقانون العمل، وبالتالي فإنه لا يترتب على ذلك أي تبعات قانونية على صاحب العمل، وإنما فقط يترتب التعويض وضمان الضرر على الشخص المتسبب أو المباشر للعدوى والذي كان يعلم بإصابته وحمله للمرض المعدي ولم يتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة

وبناءا على ما سبق فإن فعل نقل أو التعريض للعدوى يعد جرما في حال توافر القصد وهو العلم والإرادة وتوجه النية لذلك، أما فيما يخص التعويض فإنه لا يلزم العلم والإرادة وإنما مجرد التعدي أو الإفضاء للضرر في حال العلم بالإصابة، لذا يجب الاحتراز وأخذ الحيطة اللازمة لتفادي نقل العدوى والالتزام بتوجيهات الأشخاص المسؤولة والجهات المعنية تجنبا لأي مسائلة قانونية

ولكم جميعا السلامة والصحة